صدرت رواية للكاتب يحيى ملازم بعنوان // العجوز وحلب// والكاتب عضو تجمع الأدباء والكتاب السوريين والعرب الأحرار فيما يلي مقتطف من بدايتها:
كان الحي نظيفاً، ولا فضل
للبلدية في ذلك، فبيوته تنتشر فوق مرتفع يتيح لماء المطر الذي يغسله أن يسيل نحو
الأحياء التي تقع عند كعب المرتفع.
سوق للخضار والفواكه والألبان والأجبان، وبعض
محلات اللحم المذبوح خارج مقاصب البلدية، حتى محلات الألبسة الجاهزة انتشرت مؤخراً
بشكل ملحوظ، تبيع بعض البضائع المهربة من لبنان وتركيا.
أما الصيدلية فكانت تقصد
من كل أنحاء حلب ،لأنها تحتوي على كل أنواع الأدوية المحلية والمهربة، ومستثمر
الصيدلية كان ضيفاً عزيزاً على أجهزة الأمن.
حياة صخب و ضجيج، الجميع مشغول والكل يعرف البعض،
والبعض يعرف الكل، تتجاور المنازل
العربية، وتشكل فلسفة معينة من الالتحام الجميل ظاهره، والمعقد داخله.
دوار رئيسي كبير تنبثق
منه الشوارع، كأنها وردة عملاقة تتقاطع بالنواة وتمتد من الطرفين إلى مسافات طويلة
جداً، وفي قلب النواة بائع المشبك في الشتاء، يتحول في الصيف إلى بائع بوظة
وهيطلية.
تناغم فريد يطبق بإتقان
لكسب العيش، والاستفادة من المكان والزمان.
في الساحة الرئيسية دكان
للفول والفلافل والحمص ، وآخر للعجة المقلية، في الليل تجيء عدة عربات مزينة بكل
أنواع الخضار، تفوح منها روائح اللحم المشوي من شقف وكباب ، وكوسيلة لجلب الزبائن
كانوا يضعون قطعة من لية الخروف على النار لتغازل بطون الجائعين، وتجبرهم على
اتخاذ قرار صعب بدفع قيمة السندويشة التي يعتبرها بعضهم إسرافاً في هذا الزمن
الصعب.
نزل من السرفيس في آخر
الخط ( الساحة الرئيسية ، الدوار ) وتوجه إلى بيته الذي لا يبعد إلا مئتي متر عن
الموقف.
كان يمشي ويرفع يده على
اليمين وعلى الشمال، وكلمة السلام عليكم لا تفارق فمه ، حتى دخل بيته الكبير، أربع
غرف، أرضيات على شكل مربع، ومن أرض الدار يصعد درج إلى السطوح ، حيث تتربع هناك
غرفة وصالة وغرفة وصالة، ويكمل الدرج إلى الطابق الثاني ، حيث توجد غرفة وصالة،
وباقي السطوح فارغ، وقد تم بناء حائط جانبي بعلو لا يتجاوز المتر، وكأنه مخطط
لغرفة وصالة أخرى.
دخل البيت وهو ينادي:
يالله يالله، ركض خمسة أطفال نحوه يصرخون:
جدو.. جدو، فانحنى وغاص بمعركة من العناق والحمل والتنزيل، وهو يكرر ما شاء
الله.. ما شاء الله، اصطفت مجموعة من الصبايا: يعطيك العافية عمو، يعطيك العافية بابا، وخرجت زوجته من
المطبخ:
ـ الله يعطيك العافية، العشاء جاهز.تم بواسطة // محمدأحمدخليفة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق