الأربعاء، 19 أبريل 2017

وصيّةٌ قمحيّة اللون قصيدة للشاعر / وليد العايش   / مجلة تجمع الأدباء والكتاب السوريين والعرب الأحرار / رئيس التحرير محمد أحمد خليفة 







  --------
يا بُنيَّ لا تنتظرْ أنْ يأتي الربيع
اِحمل الفأسَ والمعولْ
فالمياهُ تكادُ تخترِقُ الجدارْ
اِخلَعْ قميصكَ الأبيضَ كما قلبي
فرُبَّما يتسخُ في ضجيجِ الوحلِ
السدَّةُ الكبرى أمستْ يابسةَ الملامح
 شَمِّرْ إلى رُكبتيكْ
اِرفعْ عنْ ساعديكْ
لا تسألني ماذا فعلتُ
عندما كنتُ صغيراً
كما أنتَ في هذا المكانْ ... والزمانْ
فذاكرتي جرداءَ ياولدي
أصابَها القحطُ منذُ أنْ اِندثرَ المطرْ
أخبرْتُ أُمَّكَ يومَها
آهٍ ... لا تُذكرني بِأُمّكْ
فمنذُ أنْ سافرتْ في ليلةٍ قمحيّةَ الألوان
أمسى الطعامُ أسوداً
ظهري باتَ شائكَ الحركاتْ
أخبرْتُ أُمّكَ يومَها
بأنَّهُ رُبَّما أصابَها شؤمُ المُشعوذْ
ذاكَ الذي زارنا بعدَ غروبِ عينايَ ... وعينيها
أذكرُ أنَّها ابتسمتْ
وقالتْ ... يارجُلْ ( ألاَ زِلتَ تؤمِنُ بالشعوذةْ )
رَبَتتْ على كتفي المُتعرج كزِقاقْ
ثُمَّ انزوتْ قبلَ أنْ انحني
رُبَّما أثارتْ شهيتي العجفى
أنقُلِ الوحلَ منْ زمنٍ إلى زمنٍ
وافتحْ طريقاً للمياه
تعبرُ مِنهُ الجِباهْ
تلكَ الجباهُ السُمرُ
دَعْها تحتفلُ الشفاهْ
بابتسامةٍ أخرى
كابتسامةِ أُمّكَ ... وخُبزها الأسمر
الذي كانَ يُدغدِغُ الأفواهْ
لا تنتظرْ أكثرَ ... يا بُنيّ
فالماءُ  يهوى الانحِدارْ
مازلتُ أحتفِظُ بِبضْعِ ذِكرى
قبلَ أنْ يغزو رأسي التتارْ
أجري كما آيلٍ تُلاحقهُ الذئابْ
كي لا أكونَ فريسةً حمقى
ولا أكونَ آخرَ مَنْ يصلْ
لقِمّةِ البُركانْ ...
وكي لا يعرفَ الماءُ العِنادْ
لا تسلْني أكثرَ يابُنيّ
أمَا قُلتُ لكَ بأنَّ الطيرَ لا يخشى الزِنادْ
دَعْني أراقِبُ كأسَ الظهيرةْ
واِنطلقْ بِرُفقَةِ الفأسِ والمعولْ
فالسدُّ يأبى الانهيارْ
وأنا هُنا سأبددُ ما تبقى
منْ عزفِ جمرٍ وانتظارْ ...
------
*************

تم بواسطة / سمر لاشين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق