الأربعاء، 12 أبريل 2017

وطني مسرح أوركسترا  قصيدة للشاعر / منذر الغباري   / مجلة تجمع الأدباء والكتاب السوريين والعرب الأحرار / رئيس التحرير محمد أحمد خليفة 








… ...........
وطنٌ جريحٌ يسلبونهُ الكبرياءْ
 في رحابهِ يسحقونَ الوجودْ
 بوحوشٍ تتكاثر ُعلى الجموعْ
 يتصاعد النوح ُفي صمتِ البوح ْ
 يحتضر الجرحُ ضريحَ صريع ْ
مع صرخةِ طفل ٍتجرَّدَ من أبويهْ
 ويتيم ٍيرثيهِ ضنكُ العيشْ ْ
 وعاشقٍ ولِهٍ أنهكه ُالنداءْ
 مع دمعةِ عروسٍ دامية
ٍ ترقرقت ْ على حبيب ٍدون لقاء ْ
في وطني..  كلُّ شيءٍ حزين ْ
حتى الصَّخرُ والحجر ْ
كلُّ شيءٍ بات َمرذلة
 كغابة خضراء أصابها الخريف ْ
دون أن يرحل الجسد
أنهكهُ كثرةُ المفترسين
يقتحمونَ ويقتسمون ْ
 

في وطني
تتزاحمُ الأقدامُ عند أسوار القبور ْ
تقرعُ طبولُ الوغى صرعَ الأبرار ْ
تتعالى الكلماتُ والحروفْ ْ
يتراوحُ الصبر،  تتراكمُ الأعذار
يثقلُ الضيمُ بالجحورِ والجذور
والقلوبُ والأرواحُ تئِنُّ بالقرار ْ
تصرخُ بها  الويلات ْ
تعتلي عروشُها الآهات ْ
مع أطفالٍ تهاوى فيهم الحلم ْ
ودماءٍ تبكي شوارع السِّلْمْ
وعقولٍ ملطّخةٍ بجيلٍ ضائع
في رحى جريمةِ وطنْ
.. لا طفولةَ تضحك ْ
ولا أهازيجَ تتمرجح ْ
ولا أمانَ يسلم ْ
ولا عِلم َيهنأ
في حاضرٍ يسكنُه العذاب ْ

في وطني
شياطينُ الزمانِ تواكبُ المكان ْ
تثرثر ، تدنّس ، تتكدّسُ برجزها
جناحَ الليلِ الحزين ِ
بتغاريد الويل وقيلولات الخجول ْ
لترقصَ كلها  فوق الجراح ِ
بدبكةٍ يعرُبية ٍجاهلة
تقودها  آلةٌ غربيةٌ ملغّمة
فهناك طبولهم، تسكن ُكلّ زقاقٍ وحقل ْ
لا شيء غير الوحل يملؤ الأمكنة
فمن يبالي ?
وطنٌ للفجور يرتئي
نساقُ وننساقُْ بلا وثاق ْ
كما القطعانُ في روثِ الزّقاق ْ
نبتاعُ ونباعُ بصمتِ النفاقْ
وكل التراب مسرح ْ
والكون كله مشاهد ْ
ولا وقت للعزاءِ في مجالس العزاءْ
 فكلُّ العزاءِ بموت الحياة

في وطني
كلٌّ يلعبُ على وتر ْ
كلٌّ يُبرهنُ على فكرة السباق ْ
مأمولةٌ هي المقدِّماتُ بوزنِ الصُّوَرْ
والمفاهيمُ تتجدَّد مع كلِّ استنساخْ
لا تعريفَ للهدفْ
لا تناظر َفي الأذهان ْ
قدْ ماتَ الجوهرْ
رغم كثرة العقول
بفعلٍ أو بلا فعلْ
نحنُ مسجونونْ
إنَّه الظّلام وقد أسْكنَ فينا التناقضات
منذُ خلق آدم ْ
تمَّ قتلُ الضّميرْ
تمّ سفكُ الدَّمِ النَّبيلْ
وتضرَّجت السلالة بالدماء
تخضرمتْ بالقتل طوال سنون الحياةْ
لا جديدَ بنا
لا رقيَّ في فكرنا
أورثنا القتلَ سمة
وما زلنا نعيش ُ في غيِّنا

في وطني
ينادي الطفل ُ:
 لماذا أتيتُ إلى الدُّنى
لماذا الكلّ يتيمٌ هنا
لماذا أخرجتموني من مهدي
لا أريد العيش في ظلّ عهدي
أنا طفل السراب بلا طفولة
أنا الجريحُ بسكاكينٍ جهولة
أنا طفلُ سوريّا ، بلد العزِّ والبطولة
طفلُ البراءةِ المدفونة
أغمضوا عيني
لا أريد ُمناظرةَ حربكم المجنونة

في وطني ..
شبابٌ غادروا ، هاجروا ،رحلوا ،
لكلِّ الحلول استسلموا
لا تثريب َعليهم مما استوجبوا وفيما نفروا
يتألمون ، يتذمّرونَ،  يستصرخونَ بالوطن ِيبكونَ الحنينَ قائلين :
نحن مللُ الجموع المهاجرة
من أرض سوريّا المحاصرة
أذمَّنا الرحيلُ أشتاتاً.. ذُللاً
فلا عزاءَ إلا بأطلالٍ حائرة
كيف السبيلُ للقياك مجدّداً؟
والنأيُ تكبَّلَ بالحديدِ ، تَجمّرا
ارتحلنا دون وصلٍ يقرّنا
دونك العيش بَغْيٌ ومصاغرةْ
فياليتَ شملاً جميلاً يئمُّنا
نعاوِدُ الوصْلَ ترحاباً وسُرُرَا

في وطني
كل قصّتي و حكايتي
حديثيَ المقدّسْ
وكتابيَ المرتّلْ
نبيذيَ المعتَّقْ
وكل ّشيءٍ جميل ْ
في وطني
جروحٌ تكلّلت،ْ بالقهر توِّجتْ
ألمٌ يسكنُ باهتاً
يباركُ الجسدَ الكريم ْ
في وطني
تاريخٌ أُهْدِرَ دمُهُ
في  ظلمة المجهول غابَ مَعْلَمهُ
كان مزهراً بالورود
بات الآن موغلاً بكل أنواع السموم
يَبابٌ يذرْ
حُلُمٌ دثرْ
جيلٌ كاملٌ بات بالحفر
في صمتِ المسافاتِ القاتلة
  تمزِّقنا ذكرياتهُ

فيا أيُّها الوطنُ الشَّريد :
أما اكتفينا آلاما  ?
أما شبعنا آثاما ?
أما أكلتنا الندامة ?
فمتى نحتفي  السَّلاما ?
لتطيرَ سماءَنا الحمامة
ونعود أخوةً وأرحاما

*************

تم بواسطة / سمر لاشين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق