السبت، 8 أبريل 2017

ما بين أطراف الحلم و ضياع الرّوح وحلب قصائد للشاعر / مصطفى الحاج حسين   / مجلة تجمع الأدباء والكتاب السوريين والعرب الأحرار / رئيس التحرير محمد أحمد خليفة 

   








             // أطراف الحلم //

                         

أبتغي من الهوى نافذةً

لأطلَّ عليكِ

وأحلمُ باحتضانِ النّورِ

في وجهِكِ

وفي لثمِ السّماءَ على جبينِكِ

حاجبَينِ مقوَّسينِ كالهلالِ

يشعُّ منهما ندى الفجرِ

وعيناكِ يصلّي القلبُ فيهما

سألمسُ أصابعَكِ بِبَوحي

وأبكي على عمرٍ

ضاعَ حافياً من الهناءِ

سأغسلُ روحي من طهرِكِ

وأشربُ من لَدُنِّ الدّفءِ

أحتاجُكِ كي لا أموتَ

يحتاجُكِ النّهارُ  لأنّكِ شمسُهُ

ويحتاجُكِ اللّيلُ لأنّكِ قمرُهُ

ويحتاجكِ الوردُ لأنّكِ عطرُهُ

ويحتاجُكِ قلبي  لأنّكِ دَمُهُ

وتحتاجُكِ قصيدتي لأنّكِ المعنى

وقد كوّنكِ الله

 فأنتِ  معجزتُهُ

يافتنةَ التّكوينِ

يا بيتَ روحي

ونسغَ الأمنياتِ في مهجتي

أحبّ فيكِ كلَّ تفاصيلِ الكونِ

أنتِ أساسُ المدى

الممتدِّ مِن قلعتِكِ إلى أوردةِ الوجودِ

خارجَ أنوثتِكِ تنعدمُ الحياةُ

حيثُ لا شيءَ يدعوني للموتِ

لا شيءَ يُشعِلُ فتيلَ الدّهشةِ

ولا صوتَ يوقظُ أنفاسي

أحبُّكِ ...

أكثرَ مِن حجمِ الحبِّ

بآلافِ الأغاني

سنلتقي

على أطرافِ الحُلُمِ

ونباغتُ .. عيونَ المستحيلِ

حبيبتي حلب .

                             *********************

                                  // ضياع الرّوح //

                       

يأكلُني الارتباكُ الملظّى

يقضمُني الوقتُ المنسربُ

ويسرقُ منّي الانتظارُ انتظاري

أقفُ على بوابةِ الانزلاقِ

أرقبُ عودةَ عمري  الذي ارتحلَ

أفتِّشُ صناديقَ الهلاك عنّي

منذُ برهةٍ كنتُ هُنا

مَن أخذَني مِن نفسي ؟!

دونَ أن أحسَّ أو أن أراهُ !

كنتُ أرتدي حُلُمي

وأصطحبُ أوراقَ أوجاعي

ودفتراً يثبتُ أنّي حيٌّ

هل أسمّي غيابي اختطافاً ؟!

أبحثُ عنّي في كلِّ القبورِ

وفي أقبيةِ الحزنِ المعتّقِ

لا أثرَ يدلُّ عليَّ  في هذا الزّحامِ !

كنتُ أخبّئُ في صدري قصيدةً

لَم أجدها !

وكانَ لي قلبٌ ينبضُ بالحبِّ ضاعَ

وروحٌ تحفظُ للسّعادةِ عدَّةَ أبوابٍ

 توارَت

كانَ لي عينانِ تباركانِ الجّمالَ

يبدو لي أصابَهما العماءُ

ولي يدانِ تسقيانِ الوردَ

 فَقَدتُهُما

لا شيءَ منّي  يبدو لي تبقّى

أصرخُ على صوتي

علّي أجدُهُ

أتحسّسُ وجهي لا أجدُ سوى العراءِ

أتلمّسُ قدميّ لا ألقى غير عكّازتي

نخرَها التّرابُ

رأسي ضلَّ عنّي

أنفاسي تقطَّعَت أوصالُها واختنقَت

لا أبصرُ ملامحي في هذا الكونِ

هل كنت مجرد وهم ؟!

هل كنتُ اللاشيءَ المطلقَ ؟!

ولكن لم تهاجمني الذّكرياتُ ؟!

كنتُ أدقُّ الأرضَ بخطواتي

أصارعُ الآلامَ بقوةٍ

ما الذي سرقَ منّي تواجدي ؟!

وتركَني بمفردي في غربةٍ قاحلةٍ !

ضِمنَ كلِّ هؤلاءِ النّاسِ لا أ راني !

ولا يبصرُني أحدٌ

مهما كلّمتُهم لا يسمعوني

لا أحدَ يسألُني عن هويّتي  !

أو يكترثُ بلغتي

لغتي ما عادَت تفهمُني  أو تلزمُني

أسألُ السّماءَ عن وجهي

تشيحُ بوجهِها

  تمطرُ دمعتينِ

هل تعرفُني ياقمر ؟!

كنتُ أشبّهُ وجهَ حبيبتي ببدرِكَ

لا يلتفتُ إليَّ القمرُ !

واللّيلُ يأبى أن يُدخلَني إلى حجرتَهُ

والماءُ لا يشربُ من عطشي !

حتّى الخبزُ لا يمضغُني !

كلُّ ما هو كائنٌ وموجودٌ

يؤكّدُ لي أن لا وجودَ لي

أسألُ المرايا عنّي

يقهقهُ الميتُ المطلُّ على خوفي

بلدي

ما عادَ يرسلُ خلفي

ويستدعيني

وأشواقي تقعُ في الأسرِ

إن أرسلتُها

لا شيءَ منّي يتذكّرُ شيئاً عنّي !

كأنّي لم تلدني أمّي ذاتَ يوم

وَتُرضعني القدودَ الحلبيّةَ طوالَ تربيتي

وكأنَّ لا أبَ لي علّمني مهنةَ البناءِ !

كنتُ مَعَهُ نُشيّدُ المباني والمدارس

أحجارُها تعرفني

أحجارُها أكلَت من كتفيَّ وظهري

اسألوا أحجارَها عنّي  وعن رائحتي

اسألوا السقّالاتِ والسلالمَ الخشبيّةَ

والأدراجَ الّتي صَعَدَت عليَّ

وأكياسَ الإسمنتِ الّتي جُبِلَت من عَرَقي

اسألوا الرافعاتِ والقرميدَ

وعمَّالَ البناءِ الطّيّبينَ المُتعَبينَ

حلب

وحدَها تعرفُني  وتتذكّرني

هي تحفظُ اسمي عن ظَهرِ قلبٍ

تُمَيّزُ رائحةَ عَرَقي عَن بُعدٍ

هي أمّي الّتي لا تنكرُني مهما بَعُدتُ

تعرفُني حتّى لو تفسَّخَت جثَّتي

واهترأَت عِظامي

تعرفُني مِن قلبي

وَمِن دمعتي

سأعودُ إليكِ ذاتَ حُلُمٍ

وأتنفّسُ

مِن تحتِ ترابِكِ

يا حلب .

                                 ***********************

                                       // نبض الرّوح  //

                       

ذبلَت في دمي الوردةُ

صارَت حطباً للرّيحِ

وأنا أقتاتُ على مهجةِ الانتظارِ

أَرسَلتُ الغيمَ رسولاً

فأُسقِطَ على يباسِكِ

وبعثتُ الشّمسَ

فَجَرحَ الضّوءُ النّسمةَ

أحرقوا جوانحها

الفراشةَ تصيّدوا رفيفَها

نادتكِ قصيدتي

اغتيلَت أحرفُها واعتُقِلَ المعنى

وأنا أنتظرُ

الطّيورَ البيضَ أن تأتي

إلى غصنِ زيتونٍ  وارفٍ

سأعيدُ بناءَ الفرحةِ

وأغسلُ ترابَكِ بحنيني

وأمسحُ عن نبضِكِ الدّم

الغربةُ التهمَت شراييني

تعضُّني من رسغِ القلبِ

أرضُ الغربةِ لا تحملُني

ضِعتُ في دروبِ السّقوطِ

لا أقوى على شوقٍ يخطفني

والعمرُ تكسّرَت أرجلُهُ

ما عادَ يحملُ أوجاعي

ستأتي إليكِ أسئلتي

تسألُكِ عن أدراجِ القلعةِ

والجّامعَ الأمويِّ ياحلب

سأرسمُ لبابِ الفرجِ أغنيتي

ولبابِ النّصرِ أمنيتي

ولنهرِ الذّهبِ  ضحكةَ الكوثرِ

أناديكِ لأفديكِ

وأموتُ على أرضِكِ

لأحيا  كلَّ الأزمنة فيكِ

حلب

يانبضَ الرّوحِ فينا

مَن غيرُكِ يقدرُ ؟!

مِن موتِنا يُحيينا

ويحيينا ؟!.

                               ***********************

                                   // حلب الخالدة //
               
                     

ليسَ بوسعِهِم قتلُكِ

لن تموتي

وليسَ بمقدورِهِم

سوى أن يندحروا

غبيٌّ من يحاربُ الشّمسَ

وأحمقٌ من يظنُّ

أنّهُ نَدٌّ للخلودِ

ماعليهم إلاّ الانقراضُ

هم لا يتساوونَ مع ذرّةٍ

من غبارِ مستنقعاتِكِ

شُلَّت يدا كلِّ من فكّرَ

بإيذائِكِ يا حلب

لكِ مهابةُ الأزلِ

ولكِ وقارُ الأبدِ

لكِ الأرضُ  حديقةً خلفيةً

لكِ السّماءُ مُترعةً للمجدِ

لكِ كلُّ البشرِ

خدماً  وعبيداً

ياسيّدةَ الكبرياءِ والعظمة

لأجلكِ

خلقَ اللهُ الكونَ

وخصّصَ الوردَ لكِ

لتمنحيهِ شرفَ الإقامةِ

يامسكنَ الملائكةِ

وقرّةَ أعينِ الأنبياءِ

سيموتونَ على أطرافِكِ

جحافلُ الفطائسِ

تتقزّزُ منها تربتُكِ

هم ليسوا منكِ

تتقيّؤهم مقابرُكِ

فَمَن دمّرَ حجراً

يستحقُّ ألفَ مشنقةٍ

ياموئلَ السّحابِ والنّدى

يادفترَ الضّوءِ

ومحرابَ السّلامِ

سلامٌ عليكِ  تقولُها الأزمنةُ

يانقاءَ الأمكنةِ

لن تموتي ..

مهما تآمروا  وتقاطروا

يامَن أمدّكِ اللهُ

بالأبديَّةِ .

                          **********************

                                // لا تقتلوا حلب //

                     

صوّبوا بنادقكُم نحوي

واتركوا حلبَ

حبيبتي هناكَ داهمَها الخطرُ

اقتلوني ألفَ مرّةٍ

ولا تهدموا حجراً واحداً

أحجارُها من الجنٌة لو تعرفون

أرضُها أشجارُها سكّانُها

أحبّةُ اللهِ على الأرضِ

شوارعُها من ندى

ماؤها من رحيقِ السّماءِ

عتمتُها نورٌ

 رائحتُها خبزٌ

سكّانُها نسماتُ الصّباحِ

حلبُ

عروسُ المدى العاشقِ

يغنّي لها الشفقُ

كلّما جَنّت فراشاتُ الرّبيعِ

لا تشبهُها المدائنُ الخانقةُ

فيها من السّحر الكثيرُ

تنحني لها العواصمُ والدّروبُ

فيها القمرُ أحلى وأكبرُ

والصّباحُ أنقى وأبهجُ

حتّى الليلُ يغنّي للعاشقينَ

الهائمينَ في دروبِها

حلبُ

سوسنةُ القلوبِ الحالمةِ

رداءٌ للتّاريخِ والأمجادِ

شعاعُ الأمدِ

جمرُ الأزلِ

نورُ الأزمنةِ

وهجُ الأمكنةِ

صرحُ الحياةِ

فوقَ الرؤى

نبضُ الشّمس

في صدرِ المدى

واحةُ السّلامِ

والأمانِ

واشراقةُ الهدى

لا تقتلوها

هذا انتحارٌ

ستنتحرُ الأرضُ

إن مسّها مكروهٌٌ

هي جبينُ الكونِ

وبدءُ التّكوينِ

قلبُ السّديمِ

روحُ الله الخالدةُ  *

                         *************

تم بواسطة / سمر لاشين


                                  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق