السبت، 8 أبريل 2017

غُزاةٌ صِغارْ - أبواقُ المِقبَرةْ بقلم الشاعر / وليد العايش   / مجلة تجمع الأدباء والكتاب السوريين والعرب الأحرار / رئيس التحرير محمد أحمد خليفة 







( غُزاةٌ صِغارْ )
------
سأحلمُ في هذه الليلةْ
بأني رأيتُكْ
ورأيتُ منْ حولِكَ من ذنوبْ
كلَّ أوراق أريكتي المُشاغبةْ
وبأنَي كَسَرْتُ قيدي
فانْكسَرتْ يداي ...
سأحلمُ بأنّ القمرَ
عادَ لِمضاجعِ الأرضِ
ليروي لنا ... حكايا
منْ ألفِ عامٍ وعامْ
يُدرّبُنا كيفَ يكونُ
على الأرضِ الهيامْ
بِحياةٍ لا تُشبهُ اليومَ ... إلاّ الرُكامْ
وبأنَّ الشمسَ غادرتَ للتوِّ مَضْجَعها
خِشيةَ المَطرِ الآتي كرصاصةٍ عمياءْ
سأحلمُ بأنَّ الفرارَ
إلى المستحيلِ أصبحَ مُمكناً
معَ صلاةٍ ... وركوعْ
وأمسى مُمكناً
رُبّما الآنَ ... الخشوعْ
حياة على الأرضِ
لمنْ يستحِقُ الحياةْ
وأنَّ المماتَ مُجردُ عادةْ
ورُبّما كانَ مُحالٌ أو مَحضُ خيالْ
سأحلمُ بأنَّ السلاسلَ
اندثرتْ في عُمْقِ غابةْ
وأنَّ الحقيقةَ لا ... كالغرابةْ
ضجيجُ قلبي يصولُ
في ملعبِ النسيانْ
فإنّي حَلِمتُ
بأنَّ الشمسَ والقمرَ قدْ يركعانْ
رؤياي حُلمٌ صغيرْ
يتدثّرُ شوقاً لزائرٍ لمْ يأتِ بعدْ
صهيلُ الحصانْ
وقهرُ الزمانْ
ورجْفَةُ جُفنٍ تُعاني السؤالْ
سأحلمُ بوطنٍ تليدَ الجوانبْ
خلتْ زواياهُ منْ ... قُلنا ... وقالْ
حطّمتُ للتوِّ قيودي
هشيماً أمستْ زنودي
وأنا على طرفِ السريرْ
مازالَ يعبَقُ فيّا حُلُمي المُثيرْ
سأحلمُ قبلَ الوقوعِ الأخيرْ
بأنَّي وُلِدتُ منْ رحْمِ نعجةْ
عساها تكونُ خيرَ النِعاجْ
فرُبّما أكونُ ذاكَ الضريرْ
الذي يَرى ... ولا يُرى
الحُلمُ ممنوع الدخولْ
قُلتُ لجاري ... ( أسعفني )
فقدْ أُصِبتُ بسَهْمِ الذهولْ
سأحلمُ بأنّي وليدٌ صغيرْ
لا جَناحَ لديَّ
لا عينانْ ... لا جِفنٌ يرِفُّ ... ولا شفتانْ
دعني أقولُ لكَ ... بأنَّي حَلِمْتُ بِكَ
في ظِلِّ صهيلِ الخيولْ
وأنَّي لمْ أعدْ أصلُحُ لشأنِ الحُلمْ ...
سأحلمُ بأنَّ التتارَ
رحلوا عنْ سمائي دونَ دِماءْ
زرعوا عِشقاً في أرضِ السماءْ
وأنّي وهُمْ ... كُنَّا معاً
نُرتِّلُ عزَفَ نايِ ونارْ
فرُبَّما ... يرحلُ عنَّا التتارْ
وأنَّ الغُزاةَ لمْ يقتلوا كلبي الصغير
وينهشوا لحْماً طريَّ الغُضارْ
قبلَ أنْ يقتلِوني في جُنوحِ النهارْ
وأنَّ الموتَ ولادةْ
تأتي على مقعدٍ خشبيَّ الحوافْ
وأنَّ الفرارَ جريمةْ ... بِحقِّ غُزاةٍ صِغارْ
سأحلمُ بأنَّ الشوكَ انحنى
أمسى شموعاً
تُنيرُ الدروبْ
أيُّها الغافونَ في ذاكرتي المُظلِمةْ
لا توقظوني الآنَ
فإنِّي كما جليدٍ أذوبْ
وأخيراً ... سأحلمُ بأنَّي مازلتُ طِفلاً ...
ألهو بِدُميةْ ...ألعبُ نرداً
مع رفاقي التتارْ
على ضوءِ شمعةْ أرهقها الغُبارْ
وأنَّ الحُلمَ قبلَ الولادةْ ... يكونُ انكسارْ ...


******************************


 ( أبواقُ المِقبَرةْ )

------
سارَ القطيعُ إلى المراعي  
واجتمعَ الحشدُ على خجلٍ
في جهة المقبرة ...
ضاعتِ الأقلامُ
اِحتراماً لقُدسيّة تلكِ المِحبَرةْ ...
جَفَّ اليراعُ قبلَ الوصول
الكلُّ يمشي على مهلٍ
كما سارَ القطيعُ في صحرائي
كما تمشي في جسدي
سلاسل المجنزرة ...
تاهَ عندما فارقَ حماري الحياةْ
فالهشيمُ يُقطِّعُ الأوصالْ ...
والناس تضحك في خضم المسخرة
سِرْبُ الجِمَالِ يقطعُ شِرْكَ المسافةْ
يحارُ في الظلِّ السؤالْ
أيَّهُما الضيفُ ... أيَّهما المُضيفُ
يسألُ النادِلُ قبلَ أنْ يصُبَّ شرابهُ
في سلة القش المتعثرة ...
يُعانِدهُ الناطور خلفَ البابْ
بينما جوقةُ العُميانِ تحتفلُ
بدفعةٍ أُخرى مِنَ القُطعانْ
بسيفٍ وتُرسٍ مُسرْبَلةْ ...
بدأتْ الآنَ المهزلةْ
إذنْ أينَ المُستضيفْ !!!
مازال يتلو الفاتحة
على أمه المتحجرة ...
الشمسُ والقمرُ يشهدان
بأنَّ الحالَ أمستْ كالخيالْ
هل تنحني قِمَمُ الجبالْ
يُعاودني السؤالْ ...
هنا سَقْطَ المُحالُ على المُحالِ
فلا القاعةُ اِمتلأتْ
ولا الكؤوسَ تكتنِزُ الشرابْ
والجمع يتشبث بسيف عنترة
يُطِلُّ بِرأسهِ ظِلُّ الخرابْ
المطرُ يُعانِقهُ الضبابْ
الأميرُ باتَ مُتخماً
والشيخُ يُعالِجُ داءَهُ
في الحظيرة المسورة ...
مرحباً ... أهلاً ...
قالها المجنونُ في صمتٍ
لماذا أتينا إلى هُنا
مازالَ ميلادُ صهيونَ لمْ يأتِ
لابأسَ عليكَ شيخنا
فنحنُ نستبِقُ الوِلادةْ
في حجرة متوترة ...
دَعْنا نرقصُ قبلَ الاحتفالْ
رقصة موت القبرة
أَترِعِ الكأسَ أيُّها النادل
وأنتَ أيُّها الناطورُ ... لا تُجادلْ
أُكتبْ أيُّها الطِفلُ البيانْ
واحفَظْ بِقعْرِكَ ذاكَ اللسانْ
فعندما يجتمعُ القطيعُ
يفرُّ مِنَ الزريبةِ الحيوانْ
صمتَ الصغيرُ ... ( يا للمَهزَلةْ )
قالَ في عُمقِ ذاتهِ المُتقَهْقِرةْ
يا سيدي ... لا أقلامَ لديَّ
ومنْ زمنٍ جَفّتْ دموعُ المِحبرةْ
هوّنْ عليكَ أيُّها الطفلُ
فنحنُ لسنا نحتاجُ بياناً
مادامتْ مشرّعةً أبواقُ المِقبَرةْ
--------

*************

تم بواسطة / سمر لاشين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق