السبت، 18 فبراير 2017

لقاء على طاولة الفراق قصة قصيرة للكاتب موسى سعيد / مجلة تجمع الأدباء والكتاب السوريين والعرب الأحرار / رئيس التحرير محمد أحمد خليفة





بعد عامين من الفراق رآها في المطعم كان جالسًا هناك يكلم النادل الذي يسأله ماذا يريد أن يأكل عندما دخلت برفقة رجل.
 رأها بعد طول الفراق كأنها نور من السماء نزل، تسرعت خفقات قلبه ويداه قليلا ترتجف. حاول الاتزان والخروج من التخبط تمتم مع نفسه مابك قصة وانتهت تنحنح وبدل من شكل جلوسه.
حاول تجاهل وجودها ويعلم يقينا بأنه يكذب و أنه مازال يحن ويئن لطرق مشوا بها سوية.. لأنغام رنمتها له .. وقهوة عذبة من يديها شربها.. حتى صورتها مازالت بهاتفه ومخيلته استسلم لقلبه وألقى برأسه على عضده و أطلق النظر إليها بنظرات تأسُّفٍ وعشقٍ كانت الأقسى وقعًا عليه منذ أن قابلها أول مرة في جامعته. كانت ومازالت رائعته أحتضرت لرؤيتها الذكريات وعبق نسيمها أرجف الشفاه واحمرت عيناه.
 لأكثر من ساعة لم تنتبه لوجوده كان ذلك أمرا يسعده يريد أن يرى بريق عينيها لا دمعتها حتى حركة يدها وهي تكلم جليسها كانت تفرحه وكأنها تدغدغه عادت إلى واجهة أفكاره تساؤلات لم يجد لها جوابًا منذ أن غادرها أو غادرته، تساؤلات عديدة تشمل ثلاثة أحرف "لما؟".
ماعاد قادرًا على ضبط أعصابه ،لكم طاولته انقلب طعامه الذي برد ولم يتذوقه ،التفت إليه جل من كانوا بالمطعم و كانت منهم .
دقيقة واحدة تلاقت بها العيون وقلبها عانق قلبه ،بكت أرواحهما وطال العناق.
رحلا إلى ماض طالما تمناه وابتعدوا عن الخلافات دقيقة سكنا إلى بعضهما وتكلموا كلاما منعت الأقدار اللسان من لفظه فنطقته به الأرواح .
استمر العناق دقيقة بحساب الساعة
وعامان في حساب العشاق.
طال العناق أم قصر  فهاهو من يشاركها الجلوس أيقظها.. مابك ؟ نظرت إليه وكأنها لا تعرفه ماتمنته يوما ولا أرادته.
كادت تسأله من أنت فلجمها حظها الخائب
أحنت رأسها ومسحت دمعتها وأومت له بأن لا شيء.
 أختلست إليه نظرة أخيرة وطلبت من رفيقها المغادرة إلى خارج المطعم و ود ذاك الرجل أن يشبك يدها بيده فأبت ووضعتها في جيب معطفها الأسود
ذهبت هي باكية وبقي هو مقيم في هذا الترنح.
غادر المطعم متجها إلى ما لا يعلم.. إلى ما لا يريد .. أراد الكلام ولكنه صَمْت..أراد اللقاء ولكن عَبَث.
عاد يتجول بين الأزقة و الساحات يبحث عن صدفة يرى بها قمره ذاك الغائب بأمر القدر والنصيب.
فراق كان سببه لا سبب سرق منهما ورد العمر و الأمل وأبقاهما في غربة روحٍ تنزف الجسد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق