السبت، 18 فبراير 2017

ضياء العتمة قصة قصيرة للكاتب أحمد نصار / مجلة تجمع الأدباء والكتاب السوريين والعرب الأحرار / رئيس التحرير محمد أحمد خليفة




صرخ بأعلى صوته عندما أخبره الطبيب أنه فقد بصره ،
 كانت ساعته الأولى في العتمة ، تلك الساعة التي لم يكن يعلم أنها ساعة ميلاده الجديد ، ميلاده الحق ، تلك الصرخة التي أطلقها كانت صرخة الولادة الرائعة ، ولد في العالم الجديد .. الهادىء .. الواضح  .. عالم العتمة .
فقط في العتمة عرف مقاييس الأشياء ، و قرأ النظريات الحقيقية ، علم أن الضوء مصدره القلب لا العين ،  لقد فقد بصره لكنه الآن يرى أفضل ، انه يرى بأذنيه .. يرى البشر من كلامهم ونبرات أصواتهم ، يسمع الأصوات فيرى وجوه أصحابها  ،  إنه يرى بأصابعه .. تلك التي تتحسس البشر فتعريهم على حقيقتهم ،  وتتحسس الأشياء فتدرك أحجامها الحقيقية , ما عاد تخدعه مغريات العين ولا مشاهد التمثيل في الضوء ، إنه يجلس كالملك في عتمته يشاهد عمى المبصرين و يسخر منهم ،  نزع الأجهزة الطبية من جسده ،إتكأ على عصاه ، جمع العقاقير وألقى بها في سلة المهملات ، ما حاجته لنور لم يجد فيه ذاته ؟ وهي التي وجد فيها  ذاته و الضياء   ، لقد أحبها .. عشقها .. العتمة الباهرة .

تم بواسطة / سمر لاشين
   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق