كلما استدعيتهم من ذاكرتك يأتونك صغارا،إنهم لا يكبرون يتشبتون بصورة الانطباع الأول،و إن حدث وصادفتهم بعد سنوات طويلة ستستغرب انحناء ظهورهم والشيب يغزو شعرهم ،ستفاجئك الكلمات التي تغادر شفاههم في تلعثم و رجفان بالغ الشيخوخة ، وستعود إلى مرآتك لتلاحظ كيف مر العمر سريعا ولم تنتبه ،كيف يوقظك منبه السابعة صباحا لتلتحق بعملك وأنت تحمل بذاكرتك حقيبة مدرسة وضحكات الأصدقاء ترن بمسمعك وكأنها لم تغادر ولم يغادروا !..غريب هو مفهوم الزمن والأغرب ذلك الطفل الذي لا يكبر بداخلنا كالحلم يأتي جميلا ويبقى.
أذكر مرة أن أحدهم اخبرني :لقد توقفت عن الحلم ..فعقبت: لقد مات الطفل الذي بداخلك إذا!.. لكن رده أتاني صادما:هو لم يولد طفلا.. الفقراء يحرمون ترف هذه المرحلة،حين بلغت السابعة كان أبي يكرر على مسمعي عبارة:كن رجلا!..فكنت كذلك ونسيت أن أكون طفلا .. نسيت أن أحلم ونسيت أن أحيا،لقد عودت نفسي على أن أسكن الظل وأن أمر بمحاذاة الحياة دون أن اعيشها ...بعد رد كهذا لا نملك أي حق للنقاش أو التعقيب .. لانملك سوى الامتنان للحياة التي كنا نظنها قاسية لندرك لاحقا أن ثمة حيوات أشد ظلما وقسوة ولا نملك سوى تقبيل جبين الطفل فينا لنهمس له بامتنان:شكرا لأنك هنا!.
*************
تم بواسطة / سمر لاشين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق