الجمعة، 24 فبراير 2017

انتظر .. ثم انتظر / الشاعر رمّاح عبد الرحيم / مجلة تجمع الأدباء والكتاب السوريين والعرب الأحرار / رئيس التحرير محمد أحمد خليفة




انتظر  .. ثم انتظر
 ستلملم الملقاة من ذكرى
على تلك الصور
و  تهيم مُنكباً على قلب
تأكّله النوازل والندوب
مجاهداً مما جرى أخذ العِبر

و سيذوي لُبُّكَ مرغما لمّا يرى
في الجسم نفساً تُحْتضر
و ستمضي ليلك صامتاً
لا يدري مرءٌ، كَمْ تُرى
هذي الليالي ثقيلةٌ.. فَلَكَم
أبقتْ بك الطعنات من عمق الأثر

ستعتّق الآهات و الأشواق
حتى تخْتمر
تتوسل الريح الكذوب بأن
أمضى على مهلٍ
ولا تهبّي في الرماد... فيسْتعر
و ستسْتعر
حتى تُحيلكَ عجز نخلٍ مُنقعر
و ستندثر..

ستُدثِّر الأفكار بالأكفان
توطئةً لتطويها
في تربة الهجران علك تنسها
و على غمارها تنتصر

لا دفنها يغنيك من أرقٍ
و لا استذكارها
يهديك من درب.. لعلك مُدّكِر

ستقلب الصفحات في خفرٍ
و تمشط الطرقات
و توسع الأحداق باحثةً
 عن ظل طيف هارب
بين الزحام قد استتر

و مسائلاً بدر السماء
أفلا  تضيء الدرب لي
إني تغشّاني الكدر
ترك العيونَ سوادها
هلّا أعدت لها البصر

إن الدروب تكاثرت و تخالطت
و عصا إتكائي تكسرت
و سرى بأطرافي الخَدرْ
و ستطلق الزفرات... ليتها
تمسح العبرات
أو تجبر العثرات..
حبا بالإله المقتدر

و ستكثُر الكبوات
لتعود ريحك في الرماد هبوبها
و ستسْتعر...
حتى تُحيلكَ عجْز نخلٍ مُنقعر
و ستندثر

ستلوكُكَ الدنيا و تخلط أضلُعك
أحضانها ليست كأحضان البشر
ليست كأُمِّ حانية
و عناقها.. تقديم لحن خِناقها
لحن يُواري في يديها مصرعك
مهما نصبْتَ لها متاريس الحذر

لا بر فيه
كلها لُجَجٌ على لُجَجٍ
و نهارها ليلٌ عبوسٌ مُكْفَهِر
يسليها فيك منها ما قد أوجعك
و لها ستجثو أربُعك
من بعد ظنك أنها
طوعاً ستأتي جاثية
فإذا ظننت بأنْ عنها
سينفعك السفر...
لن تمنعك
فهي التي تدري
ولا تدري بأن الرحل قد
أفضى لها.. فمنها لا مفر

قل لي بربك كيف لي
أن أستكين و يغزو عيناي
الكرى و أنا الذي
ما أُغمضتْ أجفانهُ إلا
أتاهُ بمقتلٍ سهمٌ أشِر

قل لي رجوتك إنني
قد مادت الدنيا علي و سلَّطتْ
فوق الخناق نِصالها
و استئصلت منِّي مرارتها
فأهدتني الأمَّرْ

و لقد سألته جُذوةً من نورهِ
علِّيْ بصُرْتُ بها النوازل و الحفر
 فأبى و صعَّر خدَّهُ
و أَشَاحَ عني بوجهه
و نأى بجانبه القمر

فَسَرَيتَ يلبسني العما
و لطالما...
كررت أنها كلَّما
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
مني تلا إعسارها كما
 تلت بعد العجاف السبع
حبّات المطر

لكنَّ ظني في مكانه لم يكن
و عَلا على صوتي
نحيب القوس فوق
أوتار القدر

ما عدت أبغي في الحياة غنيمة
حسبي بها ألا ضِرار ولا ضَرر
لتعود ريحٌ في الرماد هبوبها
و تَشِبَّ نارٌ شارفت أن تنْدمل
كي أستعر
حتى تُحيلني عجزي نخلٍ مُنقعر
و سأندثر

تم بواسطة / سمر لاشين 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق