متى استعبدْتُّمُ النَّاسَ والأحرارُ قد وُلِدوا
مــن رَحـــمِ عِـــزٍّ من الأحرارِ أحـرارا
وسابقـــوهـــا غيــــومَ الغيـثِ في كَــرمٍ
واستَمطَـروهــا بــأرضِ الشَّامِ ثُــوَّارا
وَمْضُ الحُروفِ يُـشِعُّ الــنـُّـورَ مُؤتلِقـاً
ويَستحيـــلُ بـيـومِ الــخَـطبِ إعصـــارا
فـــلا تسدُّوا عـــلى صوتـــي سأُلـــهِـبُـهُ
وأُرسلُ الــحـــرفَ للبـــاغـيــن إنـــذارا
فـإن أَردتـُــمْ لِــصَـوتـي أن يكونَ صَدىً
وصار طـبـــلاً يـضجُّ الــصوتَ زمَّارا
سأنــحـــرُ الـــحـــرفَ قُــربـاناً أُعــنِّفـُـهُ
حتَّى يــعـودَ لأهــلِ الــظـُّـلمِ قـــهـــَّارا
وأجـــعــلُ الـــهمــزةَ الــعرجاءَ مفخــرةً
والـــراءُ تــهــدرُ مثـل الــــرَّعدِ تِـكرارا
أنـــا صوتُ حـُـرًّ بُــزوغُ الفجرِ يَعرفُني
وشمسُ حُــلمي تُـــزيـــدُ الـــفجرَ إبكارا
فحـــاذِرِ الـــظُّلمَ أن يــغتـالَ حُـلــمَ فتىً
قـــد أطلـــقَ الــصوتَ مِثلَ الرَّعدِ هدَّارا
وراحَ يــطـــرقُ بـــابَ الـــحقِّ في أملٍ
فيهطلُ الــحــرفُ فــوق السَّطرِ إعمـارا
أنـــا الـــــرَّبيع الـــذي تُرجى عواصِفُـهُ
تفتَّحَ الحَـــرفُ حتَّى فـــاضَ أزهـــارا
يــــا عـــابثين بـــــأحـــلامي وقـــــافيتي
سأُشعلُ الضَّــادَ في أرضِ الـوغى نــارا
فـــإن أردْتُمْ سُكـــوتي جِـئتُ عـــاصِفــةً
وإن أردتـــمْ لِـقــــــائـــي لَستُ فـَـــرَّارا
أنـــا المُثنَّى وسَعــــدٌ فــي البطـــاحِ أنــــا
قـــد صارَ حَــــرفي عليَّ الهــامِ كَــرَّارا
أنـــا سَليلُ الـــوغى والــحــربُ طاحِنـــةٌ
أخُــطُّ حَـــرفاً مضى كالسَّيفِ إصــررا
ومن عُكـــاظٍ رَضِـعـتُ الشِّـعـرَ أُرجِــزُهُ
شَحــذتُ حَــرفي ليــومِ الثــَّـجِّ جَـــزَّارا
ومِـــن مَطالِــعِ آيـــاتِ الهُـــدى سَطَعَـتْ
إقـــــــرأْ تُشعُّ عـــلى الأيَّـــام أنوارا
وفـــي السَّلام حـمـــامُ السِّلـــمِ أُرسلُـــهُ
مِرسالَ حُــبٍّ سَرى في الأفق أ طـيـــارا
وأرسلُ الـــقلــــبَ فـــي خَفقٍ لَـــهُ نَـــغمٌ
أحــــلى وأجـمــلُ مـــا يـــفـتـــرُّ أشعارا
..........
من سَهـلِ حـورانَ جاء الصَّوتُ في وَجَلٍ
تناهشَ الـــوَحشُ والـــغُربــــانُ أظفـــارا
وارْتــــاعَ طِفلٌ نَـــديُّ الـــصَّوتِ أطلقــهُ
لَـحنــاً يـُــريـــعُ دعـــاةَ الـــظُّلــمِ فُـجَّارا
أدمـــى الطُّغـــاةُ بـــروحِ الــطِّفلِ بَسمَتـَهُ
ودَنَّسوا الطُّهرَ نــــالــــوا مِنــهُ إعــفـــارا
واسْتَفرَسَ الــوحشُ فيمنْ جـــاءَهُ أمــــلاً
وراحَ يــَـزفِرُ لا يـــرعى لَـــهـم جـــــارا
وأَطنَبَ الفُحشَ فـــي نـَـبحٍ وفي صَلَــفٍ
بِئسَ الـــطُّغــــاةُ ومَــنْ وَلّاكَ أمــصــارا
حتّى استــبدَّ بـــأهـــلِ الـــعِـــزِّ يـَــحقِرُهُم
قَــــدْ صارَ حـــامي الحِمى للـــدَّار غـدَّارا
فـَــزمجرَ الــرَّملُ في حَــوران وانتفضتْ
أزهـــارُ درعـــا وصارَ الـــحــقلُ فـوَّارا
وأذَّنَ الـــحُـــرُّ مُنطـلقـــاً بـــلا وجـــــلٍ
وراحَ ينشـرُ في الأصقـــاع إبهــارا
فاستـَــلهَـــمَ الشِّعـــرُ مِن ألــحــانِــهِ نـَـغماً
وألــــهبَ الــــحرفُ في القِرطاسِ أفكـارا
وهــبَّ شعبٌ إلـــى البـــاغيـــن مُلتحِـفـــاً
سِلـــمَ الـمَقــالِ وسِلـــمَ الــفِعــــلِ مِعيــارا
فـــهاجَـمــوهُ بـألــــوانِ الأذى حِـمَـمـــاً
وأشبعـــوهُ مِـــنَ الــــتَّنكيـــلِ أخـــطــــارا
ومــارسوا الــقتلَ فـــي الأطفـــالِ فـي نَهمٍ
وحـــوَّلـــوا الــــدَّمَّ فـــي الأنـــهـــارِ أنهارا
حتَى الــحنـــاجِـــرُ إذ تَشـدو بقــــافــيـــةٍ
وتَجعَــــلُ الــقَـــلبَ للألــحــــانِ أوتــــارا
ينــــالُهــــا الـــذَّبــحُ مِن شبيحِهِــمْ بِمِــــدىً
قـَــد غَـمَّسوهــــا بِنــــارِ الـــحِقـدِ أوزارا
أوَّاهُ حِمصَ وقـــدْ جــــادَتْ بِمـــا مَلَـكَـــتْ
طُهْـــرَ الـــدِّماءِ سَرى في أرضِهـــا ثــــارا
وثـــــارَ شعبي عـــلى الطُّغيـــانِ رايــتــُـــهُ
يــــا قــــاتـــلَ الشَّعـــبِ جـاءَ الشَّعبُ جرارا
فـــاجرَعْ بِجُحـــرِكَ سُمَّـــاً قَـــدْ أتيتَ بـِـــهِ
والْــــقى الهـــلاكَ فَـكـــم دَمـَّـــرتَ أديـــارا
(الـعَـلـقَـميُّ) قَــلـيــلٌ إنْ وُسِـمْـتَ بِــــهِ
قَــدْ صــارَ بَشَّــارُ للـتَّـدمـيـرِ إشــعارا
مَــوتُ الـبَـرامـيـلِ إسـمٌ أنـتَ صـانِـعُــهُ
قَـدْ خُـصَّ بـاسْـمِـكَ لا تَسـطـيـعُ إنـكـارا
وللخِيــــانَـــةِ فِـعـــلٌ أنتَ صـــاحِـبُـــــهُ
وللــنَّــذالَـــــةِ كَــمْ سَـردَبتَ أوكــــــــارا
مـا عـادَ (نـيـرونُ) في فِـعـلٍ مضى مَـثـلاً
قــد فــاقَ فِـعلُكَ في التَّـاريـخِ إشـهــارا
مِـن كُـلِّ حَـدبٍ جَمَعتَ المُجرميـنَ لـنا
يـا بـائِـعَ الشَّـامَ كَــمْ غـالَـبـتَ أعـــــذارا
نــارُ المَجـوسِ لَـهـيـبُ الـحِـقــدِ يَجـمـعُـهـا
والــدُّبُّ يَهشِـمُ فـي الــوديــــانِ أزهـــارا
حتَّى العقــاربُ مِـن روسٍ ومِـن عَـجَـمٍ
تـُفَــرِّغُ السُّـمَّ فـي الإعــــلامِ أخــبـــارا
قَــــدْ غـالَـبَـتـنـا علـى أحــلامِـنــــا أُمَمٌ
وقــاسَـمـتـنــا عـلــى أوطـــانِـنـــا دارا
والـعُـرب هـامَت خِـرافاً في مراتِعِـهـا
والــذِّئبُ حَــولَ الـحِمى يـَجـتَـرُّ إمـكــارا
يـا أيُّـهــا الـحُــرُّ أنتَ النَّـصـرُ مَـوعِــدُنــا
تَـهُـــزُّ سَـيفــاً عـلـى الأعــــداءِ بَـتَّـــارا
عـلـى الـخُـطـوبِ بِـحَـبـلِ اللهِ مُـعـتـَصِـمٌ
تـَرجــو إلَــــهً قَــديــرَ الـفِـعــلِ جَـبـَّــارا
فــامـضِ لِــوَعــدٍ مِـنَ الـقّـهَّــارِ في قَــدَرٍ
سَـيُشـرِقُ الـصُّبحُ مَـهـمـا طــالَ إدبــارا
*************
تم بواسطة / سمر لاشين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق