الأربعاء، 15 مارس 2017

قصاصة ورق / الأستاذ إسماعيل مارديني   / مجلة تجمع الأدباء والكتاب السوريين والعرب الأحرار / رئيس التحرير محمد أحمد خليفة 



بعد ثلاث ساعات من المحاولات المستميتة لإكمال الفصل الثاني من روايته الأولى .. إندفع يتحدث :
أوتعلمين ، يبدو انه ثمة شيء ، ثمة خلل ، ثمة قرد في هذا الكون يحاول ان يتظاهر بأنه ابن عم لوزير المالية السمين ، ذو الوجه الأحمر كمؤخرة القرد تماماً، ثمة خلل ، فأنا منذ ساعات و أنا أحاول التفكير ، و التفكير يحاولني ، أقصد يحايلني ، ثمة خلل ، ثمة إفريقي يتبول على الرصيف الآن و يبتسم وبداخله ضحكة عريضة وحادة جداً ، وكأنه يريد أن يصرخ “أنا اتبول الآن على عالمكم البغيض هذا” ، حقاً أنا أعلم ذلك ، ثمة قبيلة في رأس كل واحدٍ منّا ، قبيلة من الهنود الحمر ، الذين يحددون نوعاً من الطيور التي يجب أن لا تؤكل في يوم الخميس ، لا أدري ، لكنه ثمة شيء ، ثمة سماء ثامنة في صوت حبيبتي القديمة ، وسماء تاسعة في مقامات العود العربي ، ثمة سيجارة تشبه المومياء ، وثمة إمرأة كنت أحبها ، كانت تشبه حرف الراء بصوت “طلال مداح” .. عندما يصرخ “وترحل .. صرختي تذبل” كان طلال مداح يغني هذه الأغنية بحزن قد استعاره من تاريخ هذا الكوكب ، منذ أن حدثت أول جريمة قتل في هذا الكوكب ، و حتى آخر ذبابة قتلها رجل ما في أحد القطارات بواسطة الصحيفة اليومية التي لفها ، ثم صفع الذبابة و كأنها قد قامت بشتم أمه أو التحرش بأخته ، هذا لا يهم ، لكنه ثمة شيء ، ثمة رجل يُغلق عقله في يوم الجمعة و السبت ، وفي أيام الأعياد السنوية ، وثمة خلل في هذه الحياة ، ثمة إمرأة لا تجيد إستخدام اصبعها الأوسط في الأوقات الطارئة ، سواءً لإطلاق الشتائم ، أو لأغراض أخرى لا يعلمها إلا الله ، أنا لا أقصدك يا سيدتي المحترمة ، لكنه ثمة شيء ، ثمة فكرة في رأسي تربط حبلاً في سقف جمجمتي لتنتحر ، ها أنا أراها ، و انظر إليها بإحتقار ، و كأنني أقول لها أنها غير مهمة و غير مجدية و لا بأس بأن تموت كغيرها من الأموات في المقابر و في بطون الكتب ،ثمة عمرٌ قد مضى ، و عمرٌ يأتي ، مترنحاً ، عمر يحمل المستقبل على كتفيه ، كعجوز تحمل صندوق طماطم ، يحمل المستقبل على كتفيه و في جيبه بقايا الذكريات ، فتات الماضي ، ثمة وطن : فيه فتاة تجيد الغناء ، وفيه صبي يجيد العزف ، تقابلا في أحد الأحلام التي أحلمها في نومي ، كانت الفتاة جميلة جداً و تشبه ضحكتي عندما كنت طفلاً لا يدري ما الفرق بين المرأة والرجل و بين الإمبريالية و الإمريالية البحرية . كان الصبي أهوجاً جداً و يشبهني عندما كنت أهرب من المدرسة ، وعندما كسرت ساقي و أنا أحاول النزول عن سور المدرسة ، كنت حينها صبياً فضولياً يحب العلم و الإكتشاف والبحث و الفتيات و لا يحب المدرسة .


*************

تم بواسطة / سمر لاشين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق